يحكى ان

ما يجرى في تعيينات الوظائف الحكومية المستحدثة، لا يقل صدمة عن تلك التعيينات في المناصب والوظائف العليا للدولة،والتي يقف عليها المدراء والرؤساء والمسؤولين، لا بل تفوقها في خيبة الأمل وتعادلها في المحاباة والمحسوبية، ورغم تستر اللجان المختصة - التي تشكل لإجراء المقابلات وعقد الامتحانات الشفوية والكتابية- بغطاء الشفافية والموضوعية والعدالة، إلا أن من يقع الاختيار عليهم، هم في الغالب خارج اطار الأفضل والأنسب والأقدر على العمل ، ويجري تعيين،الأقوى في الواسطة والمحسوبية ، والصديق والعزيز والقريب وابن العائلة الواحدة، وابن المنطقة والنسيب والعديل ووو..

يحكى أن ..حوالى مائة شخص تقدموا لملء شواغر لوظائف تم الإعلان عنها مؤخرا في احدى الدوائر الحكومية ، وبعد أشهر من الأخذ والعطاء ، خرجت القوائم بعد استبعاد أوائل خريجي الجامعات ، ومن تجاوزت خبراتهم المهنية خمسة عشرعاما وأكثر ، واستثناء من هم أعضاء في نقابة مهنية تعنى بهم ، لتطل علينا القائمة وتشتمل على أسماء؛ ما يميزها فقط أنها تتشارك مع الوزير والنقيب والمدير والمساعد وعضو مجلس الادارة وأصحاب الحظوة وأعوان وأصدقاء المدير باسم العائلة ، وتخصيص البعض الآخر من الأسماء " للمحاصصة " من مبدأ الكوتات والجهوية ،وبالطبع لا تضم ولا اسم لأنثى ، بحجة أن الوظائف المطلوبة يكون العمل بها في أوقات مسائية وليلية، ونحن في الأصل نتحدث عن مهنة أساسها العمل خارج حدود الزمان والمكان ، والمضحك المبكي أن هؤلاء المحظوظين جميعهم تم تثبيتهم في الفترة الصباحية للعمل ....

ويحكى أن هناك اسمين لا يعودان لأحد ممن ذكروا سابقا ،ما أصاب المتابعين بالحيرة ، فانشغلوا في البحث والتحري، ليتضح أن أحدهم ابن ضابط في الدائرة ، والآخر لابن أخ ضابط في نفس تلك الدائرة الأمنية !!..

ما علينا .. إن موضوع نشر هذه الحادثة الآن وبعد مضي حوالى خمسة أشهر عليها ،هو أن أحد هؤلاء الذين تم تعيينهم لصالح ضابط في تلك الدائرة الأمنية ،رفض الاعتذار لرئيسه المباشر بعد أن نشب خلاف بينهما ، وفشلت المحاولات لإقناعه بالاعتذار ، وبعد الضغط عليه، والتلويح بأنه ما يزال في مرحلة التجربة ويمكن لهذا الرئيس المباشر في حال التقدم بشكوى إنهاء خدماته في القطاع العام ، كان جواب هذا الغض : " بيجيه تلفون "!..

من يجرؤ على محاسبة هؤلاء المحابين والمتعاملين مع المحسوبية ؟
هل تجرؤ الجهات الرقابية من هيئة مكافحة الفساد على فتح تلك الملفات ومحاسبة أي اختراقات، وهي المعنية بالكشف عن مواطن الفساد بجميع أشكاله والواسطة والمحسوبية، إذا ثبت أنها تشكل اعتداءً على حقوق الغيروعلى المال العام ، لأنها أسست لتوفير مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة؟
وهل يجرؤ ديوان المظالم الذي يفترض أنه المرجعية الموثوقة في تلقي وحل التظلمات على الإدارة العامة أو من أي من موظفيها على اعادة الحقوق لأصحابها ؟
وهل تعنى وحدة حقوق الانسان في دار رئاسة الوزراء بمثل هذه القضايا ؟ أم أنها تعنى بالإنسان غير الأردني فقط.

هل يجرؤ المسؤول الذي ينتهج المحاباة والمحسوبية في تعييناته أن يحاسب هؤلاء المسؤولين من الصف الثاني على محاباتهم !؟.
أم هل سيكون جواب المحابين للمسؤولين : أنت معلمي ، وهذا هو الدرس الأول الذي تعلمته منك !!..

أم أصبح من الصعب تحقيق العدالة في ظل شيوع " الضمير الغائب " لدى العديدين ، مما يوجب عرض قوائم التعيينات على جهات رقابية قبل صدورها للتدخل ووقف المحاباة والمحسوبية،وإعطاء كل ذي حق حقه.


هل سيتم التحقق فيما جرى ، أم ستبقى مجرد حكاية !!..

Jaradat63@yahoo.com