زاد الاردن الاخباري -
جلنار الراميني - تجدها في الصبر عنوان ، وبالإرادة "أيقونة" ، لا تستسلم لبرد الشتاء ، بل تقي أطفالها بأغطية عفا عنها الزمن ، وما أن تنظر إليها إلا تجدها كثيرة الاستغفار ، ملازمة الدعاء ، متعبدة شاكية لله في سجودها.
هذه المرأة التي ابتلاها القدر بالفقر ، تحبس أنفاسها عن الشكوى ، ويبدو ان "الصدفة خير من الف ميعاد" قادت إليها ، تعيش في منزل يخلو من مقومات الصحة فلا الشمس تصافحه ، بل ظلام دامس يسيطر عليه ، ;كما تجد غرفتين ، ومطبخ بداخله "حمام" ولا باب له ، وما ان تنظر إلى أعين الاطفال إلا وتجدهم يضحكون بقناعة والدتهم التي ترضيهم بأقل الاشياء ، قائلة لهم " تعالوا نلعب لعبة حلوة" ، لتنسيهم ظلام المنزل "المتواضع" ، وفقرهم ، وتبدأ باللعب معهم بدمى من قماش مهترئ.
تلك السيدة "علت" برقيها ، فلا تسأل عن مال أمام القناعة بأنها أفضل من غيرها ، وزوجها يقنع بما لديه ، بالرغم من قلة أجره ، والذي يأخذه بشكل "مقسط" بالرغم من دنوه ، إلا أنه راض بما قسمه الله له ، فهو على قناعة ، بان الله ابتلاه وعليه أن يصبر، علما أنه يعاني "الدسك" ، لكنه متمسك بعمله ليعيل أسرته بقناعة المؤمن.
تمر الايام ، ويشتهي الأطفال طعاما كباقي الاطفال ، وما باليد حيلة ، غير "العدس" ، وبعض الحواضر التي قد تكون "غير صالحة للإستهلاك" ، إلا أن للضرورة أحكام في هذه الحالة.
الوضع المادي ، جعلها قاب قوسين او أدنى من الخوف من مرض على أطفالها ، تحسبا من مصاريف جديدة ، تثقل كاهلهم ، فزوجها لا يملك رقما وطنيا ، ما يعني تكاليف باهظة في العلاج ولا يملك إلا الصبر بوجه الحياة المريرة.
تدخل منزلها ، فلا تجدّ إلا ألما مغموسا بالتمنّي ، وتبدأ تفكر "كيف يعيشون وسط فقر ودن شكوى " ، تدخل منزلها وإذا بطفلة صغيرة تستقبلك بدفء ابتسامتها لا تأبه لبرد قارس ، فوالدتهم تلعب معهم لتنسيهم برد الشتاء القارس .
وليس هذا بل تجد الهواء يدخل من نافذة " الحمام" ، ولا باب يمنع تسرب الهواء إلى باقي هذا المنزل ، وما يزيد الامر تعقيدا ، أن المنزل للإيجار ، وبالكاد يأكلون أمام حالهم ، إلا أنها حياتهم .
هذه مأساة ، والمأساة أن ترى هذه الأم أطفالها ينظرون إلى لقمة غيرهم ، ولا يستطيعون تناول ما يتمنون ، فضيق الحال حال دون حياة سعيدة لهم ، ومع ذلك لا تجدهم إلا يبتسمون أمام معترك الفقر .
ومن منبر "زاد الأردن" نطالب أصحاب الضمير ، بالنظر إلى حال الأسرة ، علما أننا نحتفظ بكافة المعلومات عن تلك السيدة التي لا تجد إلا الدعاء وسيلة للأخذ بيدها ، وأن ترى غير ان تقرأ ، و"في ذلك فليتنافس المتنافسون".