زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - غادر رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور عمان في زيارة ليوم واحد إلى بغداد عارضا عمليا معادلة التعاون النفطي مقابل التعاون «الأمني» في لغة بدت مبرمجة ومباشرة أمس الأول.
مؤخرا، شعرت الحكومة الأردنية بأن بغداد تبحث عن آلية جديدة للتعاون الأمني والعسكري مع دول الجوار تحت لافتة التقدم عسكريا في المواجهة مع تنظيم «داعش» خصوصا في محيط محافظة الأنبار.
عمان لاحظت أن الجانب العراقي وأثناء زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري تجنب التباحث الدبلوماسي وركز على الجانب العسكري والأمني وطرحت بغداد عبر نائب الرئيس العراقي أسامه النجيفي على القاهرة المساهمة في «تدريب وتأهيل» قوات الجيش العراقي النظامي لمواجهة داعش.
المرجح أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لا يريد التورط بنطاق عملياتي خارج حدود بلاده وبعيدا عن مشكلاته في سيناء وليبيا وهو أمر التقطته عمان وهي تبحث عن تسعير نفطي جديد مع العراق على هامش زيارة النسور الأخيرة لبغداد ولقاءه بالرئيس فؤاد معصوم ونظيره الدكتور حيدر العبادي.
لأول مرة لاحظ الأردنيون أن رئيس وزرائهم يتجاهل ملاحظات مؤسساته المتعلقة بالبعد الطائفي في تركيبة الجيش العراقي ويعرض خدمات «أمنية وعسكرية « على الحكومة العراقية وأن جميع القدرات الأردنية الأمنية في خدمة الاستقرار الأمني في العراق تحت لافتة محاربة الإرهاب.
الاندفاع المصري والأردني في اتجاه عرض خدمات التأهيل والتدريب العسكرية على العراقيين له خلفياته بكل الأحوال ومعلومات «القدس العربي» انه «منسق» تماما مع السعودية لأن زيارة كل من النسور وشكري لبغداد برزتا بعد لقاءات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بالرئيس السيسي والعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز. لا ينطوي الأمر على تنافس بين عمان والقاهرة على عقود تدريب القوات العراقية في سياق مكافحة الإرهاب بقدر ما ينطوي على «تكامل» خصوصا ان الجيش المصري لن يكون معنيا أو متفرغا لأي مهام تدريبية خارج مصر ليس فقط لإنه يحتاج لتدريب خلافا للجيش العربي الأردني ولكن لإن القيادة السياسية ليست عضوا في نادي التحالف الدولي ضد داعش وشقيقاتها ولا تريد أن تكون في وقت وشيك.
الإدارة الأمريكية أيضا بصورة تشجيع الأردن ومصر على تقديم «الاستشارة» العسكرية والأمنية للعراقيين على ان برامج التأهيل هنا يمكن ان تمول من نفقات التحالف المرصودة خصوصا ان السعودية تدعم عن بعد سياسة التقارب الأردني المصري من حكومة بغداد بهدف إنتاج مساحات من الاختراق تساهم في عدم ترك مؤسسات العراق العسكرية على الأقل تحت التأثير اليتيم لإيران فقط.
على هذا الأساس يمكن اعتبار زيارة النسور لبغداد نتيجة لما ذكره العبادي عندما زار عمان قبل شهر تقريبا وطالب الأردن ودول الجوار العربي بعدم ترك العراق «وحيدا».
عبادي في عمان اقترح صيغة تتحدث عن توقف النظام الرسمي العربي المجاور عن التذمر من سيطرة ونفوذ إيران على المؤسسات العراقية الرسمية مشيرا إلى أن الدول العربية «السنية» يمكنها ان تساعده باستبدال «التذمر» بتقاربات مباشرة مع المؤسسة العراقية يمكنه شخصيا – أي العبادي – ان يساندها بدلا من ترك بغداد تماما في أحضان الإيرانيين.
عمليا وجه العبادي رسالة حسب مصدر مطلع جدا بأن لا تترك حكومته تحت تأثير اللوبي الإيراني المسيطر وتحدث عن اختراقات تكتيكية ممكنة مقترحا ان المساحة الأفضل لتحقيق اختراق وفارق هي الحرب على الإرهاب والمساهمة في إعادة إنتاج صورة «الجيش العراقي» المرهق من الفساد والأجندات والحسابات الطائفية مما جعله يتهاوي في مواجهة داعش وهي عبارات وردت فعلا على لسان العبادي في غرفة القرار الأردنية المغلقة عندما زار عمان.
عمليا وضمنيا كشف العبادي للأردنيين وراء الكواليس انه لا يستطيع تقليل فرص استحكام الحصة الإيرانية الممثلة في مجموعة نوري المالكي النافذة جدا في ظل «السلبية» العربية للجوار العربي.
وجهة نظر العبادي «لفتت نظر» الأردنيين ولم يعارضها السعوديون مما قاد للمشهد التالي المرتب بعناية حيث زار سامح شكري بغداد ولحق به النسور وتلقى العبادي اتصالا هاتفيا من الرئيس باراك أوباما ينطوي على تشجيع وتضامن وإشادة لأن خطة العبادي تسير بالتوازي نحو تحديث وتقوية الجيش العراقي والعمل سياسيا على تقليص برامج الإقصاء الطائفي لأهالي السنة.
القدس العربي