ينتظر المواطن الاردني بفارغ الصبر ما ستتمخض عنه مناقشات أصحاب السعادة نواب الامة المحترمين من نتائج وقرارات وتوصيات حول مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد الذي طال انتظاره في خضم ما حصل خلال الايام الماضية من أحداث اقتصادية عالمية واقليمية ومحلية، كان من أهمها الانخفاض المتواصل في اسعار النفط العالمي في ظل وفرة كميات الانتاج وقرار منظمة البلدان المصدرة للبترول (اوبك) الاخير عدم خفض انتاجها من الخام.
ومع أن الاردن دولة مستفيدة من هذا الانخفاض في أسعار النفط، الا أن حالنا في هذا البلد هي حال أي دولة معنية بالامر بحكم احتياجاتنا الدائمة للنفط، وما لذلك من أثر في الموازنة السنوية، فقد درجت العادة أن تقوم الدول النفطية بتوقع الايرادات في موازناتها بافتراض سعر 100 دولار لبرميل النفط الواحد، وبالمقابل غالبا ما تبنى موازنات الدول غير النفطية على أساس سعر 100 دولار لبرميل النفط، امعانا منها في التحفظ.
موضوع الضريبة، بشقيه الدخل والمبيعات، أصبح هم الاردنيين وشغلهم الشاغل، فهي تشكل عىبئا يئنون منه، في ظل ازدياد تنامي عدم الرضىا عن مستوى الخدمات الحكومية التي يتلقونها، مما ينبغي على الحكومة أن لا تكتفي بالنظر للضريبة من جانب ايرادات الدولة، خاصة وأن الغالبية العظمى من الاردنيين هم من دافعي نفقات تعليم أبنائهم، في ظل التدهور المستمر في منظومة التعليم العام.
كما أن نسبة كبيرة من المواطنين يعتمدون في علاجهم على القطاع الخاص. أما البنى التحتية فحدث ولا حرج ويكفي مثالا على ذلك تهالك شبكات الصرف الصحي وشبكات مياه الشرب في معظم مناطق المملكة وارتفاع نسب الفاقد، وما يتوفر من حفر تكاد تختفي فيها العربة التي تستقلها ان كنت محظوظا ولم تفاجأ بمن يضربك من الخلف.
قد يقول قائل وما شأن الغالبية في مشروع الضريبة فهي تصاعدية ومعظم الاردنيين يعملون برواتب متدنية، حيث لا يتجاوز دخل معظم الاسر الاردنية الشهري 800 دينار أردني (قريب من خط الفقر) وهذه الدخول معفية أصلا ضمن الاعفاءات الضريبية السنوية المسموح بها.
والجواب نعم، ان كنا فقط ندفع ضريبه دخل، لكننا ندفع ضريبة مبيعات على كل شيىء بحيث أصبح دخل الاردني لا يغطي تكاليف معيشته اليومية ورسوم تعليم أبناءه وفواتير الكهرباء والمياه ونفقات المواصلات والتدفئة والتبريد...الخ.
نحن نعلم أن الدولة بحاجة للضرائب لتوفير الخدمات للناس، لكن في ظل انحدار مستوى الخدمات المقدمة لم يعد هناك قناعة من المواطن بجدوى فرض الضرائب بالمستوى الموجود، الامر الذي يستدعي الموازنة بين ما هو مطلوب من المواطن وما يترتب عليه تجاه بلده عشقه الأزلي.
ما نأمله هذه الايام ومجلس نوابنا الموقر يناقش قانونا من أهم القوانين الاقتصادية في هذا البلد ويقر بنوده، الخروج بقانون عصري متوازن يراعي ظروف الاغلبية ويحمي حقوقها في اطار نظرة استراتيجة ثاقبة لمستقبل أجيالنا القادمة.
رعى الله الأردن بلدا آمنا وسدا منيعا أمام محاولات الأعداء والمتربصين وحمى قيادته وشعبه من كل مكروه.