أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
بايدن: دول عربية مستعدة للاعتراف بإسرائيل ضمن اتفاق مستقبلي البرلمان العربي والاتحاد البرلماني الدولي يبحثان التعاون المشترك 15 شهيدا وعشرات الجرحى جراء قصف الاحتلال نادي الشجاعية بغزة دول منظمة الصحة تفشل في التوصل إلى اتفاق على سبل مواجهة الجوائح مسؤول تركي: أردوغان سيلتقي بايدن في البيت الأبيض في 9 أيار الدفاع المدني يتعامل 1270 حالة إسعافية مختلفة خلال 24 ساعة يديعوت أحرونوت: واشنطن فقدت الثقة في قدرة نتنياهو حزب الله يستهدف ثكنة زبدين الإسرائيلية إصابة 61 جنديا إسرائيليا بمعارك غزة منذ الأحد الماضي وزير الخارجية يجدد دعوته إلى وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل الاحتلال يمنع مئات المسنين من الدخول للأقصى أسعار النفط تحقق مكاسب شهرية بأكثر من 7 بالمئة فيتو روسي ينهي مراقبة نووي كوريا الشمالية بلدية غزة تحذر من انتشار أمراض خطيرة بفعل القوارض والحشرات الضارة أسعار الذهب تسجل أفضل أداء شهري في 3 سنوات مؤشر نيكي يسجل أكبر مكاسب من حيث النقاط في السنة المالية أوكرانيا تعلن إسقاط 84 من أصل 99 صاروخا ومسيّرة أطلقتها روسيا تلاسن حاد بين نتنياهو وغانتس باجتماع حكومة الحرب وزارة الصحة في غزة: 7 مجازر إسرائيلية تسفر عن 71 شهيدا فلسطينيا خلال 24 ساعة زلزال الإسكندرية .. هزة ارتدادية من اليونان تفزع سكان عروس البحر المتوسط.
الصفحة الرئيسية ملفات ساخنة أبو الراغب يدافع عن إصدار حكومته 200 قانون مؤقت

أبو الراغب يدافع عن إصدار حكومته 200 قانون مؤقت

11-07-2010 11:34 PM

زاد الاردن الاخباري -

على مفاصل مهمة يقف رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب، ليتحدث من وحي شراكته بالمسؤولية، إما نقابيا، أو وزيرا، أو نائبا وعينا. ورئيسا للوزراء.

أبو الراغب، الذي سطع نجمه السياسي مع استئناف الحياة الديمقراطية العام 1989، عُرف بمواقفه الجدلية، وجرأته السياسية، وحنكته التي يعترف بها له خصومه. لكنها أبقت باب الجدل و"الطخ" على فترته حتى اليوم.

في سلسلة حلقات سياسي يتذكر، يروي أبو الراغب لـ"الغد"، تفاصيل نشأته العمانية، وصعاب تعليمه وسفره إلى الولايات المتحدة الأميركية بحثا عن شهادة الهندسة.

ويشير المخضرم أبو الراغب إلى كولساته الشبابية، التي أنبأت مبكرا عن وعي سياسي، مشفوع باقتدار مالي، وظرف سياسي موات.

ويعود بروز اسم أبو الراغب إلى نهاية الثمانينيات من القرن المنصرم، مع انتقاله من قيادة إحدى النقابات المهنية (المقاولين)، الى الترشح لانتخابات المجلس النيابي الحادي عشر، والتي أخفق فيها بفارق بسيط في دائرة "الحيتان".

جاء وزيرا في حكومة طاهر المصري، الموءودة سريعا، وليرافق أياما من المجلس النيابي "الأقوى" وزيرا وليس نائبا.

النيابة بقيت حلمه، فجاء نائبا في انتخابات 1993، بعد تحضيره الجيد لها.

ليستكمل مسيرته الحكومية وزيرا نائبا في عدة حكومات، مع المرحوم الأمير زيد بن شاكر وعبدالكريم الكباريتي، حيث يروي قصصا مثيرة للجدل، يكشف عن بعضها لأول مرة.

لأبي الراغب حضور مناكف من زاوية نيابية، وضعته "قطبا نيابيا"، فحجب الثقة عن حكومة عبدالسلام المجالي الأولى، وليظل محط جدل في مجلس النواب من باب اعتراضه على تشريعات وعلى تركيبات وسياسات لأكثر من حكومة.

أبو الراغب، الذي حجب الثقة عن حكومة المجالي، وحشد نيابيا لرفع رسالتي احتجاج ضد حكومتي المجالي الأولى ثم الروابدة نهاية العقد المنصرم، دخل الحكومة من باب الثقة والمسؤولية و"العقبة"، ليكون أطول رؤساء الحكومات عمرا في الدوار الرابع بدايات الألفية الثانية، ولتلك تفاصيل استفاض أبو الراغب في شرحها والحديث عنها.

وفي ما يلي أولى حلقات سياسي يتذكر:

لنعد الى البدايات، بل وما قبل البدايات، الى أصول عائلة أبو الراغب السلطية؟

- جدنا الأول من عشيرة "الياسين" جاء من سورية قبل نحو 200 عام، من مدينة حماة تحديدا، في بداية القرن التاسع عشر تقريبا. ويقال إنه قدم مع إحدى الحملات العثمانية، فسكن نابلس، وتزوج سيدتين، إحداهما من عائلة البيطار والثانية من عائلة العاصي. ثم عمل في التجارة وجاء الى السلط، ليستقر فيها العام 1810 تقريبا.

أما أبي، رحمه الله، فقد ولد في السلط مطلع القرن الماضي، وجاء الى عمان منتصف العشرينيات، ثم تزوج والدتي رحمها الله، وهي سورية، وكان والدها تاجرا معظم عمله في البلقاء وتوفي شاباً.

والدي كان من أول الأردنيين الذين عملوا في قطاع النقل، وكان قبلها التحق بالفرسان في الجيش. أنهى عمله في الفرسان في العشرينيات، ثم اشترى عربة "كارلو" يجرها خيل، ليعمل عليها في النقل بين السلط وفلسطين، وبين القرى والبلدات في الضفتين.

وهو أول من اشترى شاحنة نقل في الأردن، ليتطور عمله لاحقا ليصبح في فترة ما أكبر مستثمر في الشحن والنقل في الأردن، وكان مالكا لأكبر أسطول بري ولعشرات السنين وكانت له أيضاً شركة باصات لنقل الركاب بين الضفتين وعلى خطوط داخلية. وتسلم منصب رئيس اتحاد الكراجات ورئيساً لنقابة أصحاب السيارات الشاحنة. ويعد والدي من مؤسسي مدينة عمان، ومن رعيلها الأول وقدامى من سكنها، حيث كان عمله وسكناه فيها، وبنى فيها كثيرا من المباني وما يزال لدينا أملاك كثيرة في عمان القديمة.

أنا من عائلة تضم ستة أبناء ذكور وأربع بنات.

أنا ولدت العام 1946 في بيتنا في طلوع جبل عمان، وهو بيت اشتراه والدي في الثلاثينيات.

في الخمسينيات انتقلنا الى بيت آخر قرب الكلية العلمية الإسلامية، بين الدوارين الأول والثاني، وهو يعد الآن بيتا تراثيا.

درست التمهيدي في الكلية الأهلية بجبل عمان. كانت مدرسة مخصصة للإناث، لكنها كانت تقبل الذكور في التمهيدي والروضة.

في الصف الأول التحقت بكلية "ترسنطا"، وقد سبقني إليها إخوتي، خليل ومحمد وإبراهيم، دخلتها العام 1952 وتخرجت فيها 1963.

هل كان هناك مدارس كثيرة في عمان تلك الفترة؟

- كان هناك كلية ترسنطا، وكلية الفرير، وكلية المطران، وهي مدارس تعتبر أجنبية، بالإضافة الى الكلية العلمية الإسلامية، أما المدارس الحكومية فكانت كلية الحسين وكلية رغدان.

كنت من الطلاب المجتهدين والمهتمين بالدراسة. وفي العام 1963 أنهيت مترك لندن، وهو ما يوازي التوجيهي، وقد وفر عليّ ذلك سنة، والتحقت بالجامعة.

عائلتنا الحمد لله كانت ميسورة ماليا، أبي كان ملاكا، ويملك أكبر شركة نقل في الأردن، ومساهم في شركات صناعية وبنوك وشركات تأمين، وكان لوالدي علاقات جيدة مع لبنانيين وعرب وعراقيين وسوريين، كنا نذهب الى سورية ولبنان سنويا لقضاء العطلة الصيفية.

من تذكر من أبرز أصدقاء طفولتك؟

- في الحياة الثانوية كان من أبرز أصدقائي فارس النابلسي، أمية طوقان، فريد خلف، أحمد لطوف، غالب وناصر مدادحة، وهاني قاقيش، وغيرهم. أما من أبناء مدرستي فأذكر من العائلات المعشر وشومان والعدوان والخشمان والفايز وميرزا وغيرهم.

في المرحلة الابتدائية كان من أصدقائي وزملائي أيمن وأمجد هزاع المجالي، أيضا غالب وناصر المدادحة وكذلك أولاد الخشمان.

كيف تستذكر دراستك الثانوية؟

-كانت فترة جميلة، وملتهبة أيضا قوميا وسياسيا، كنا صغارا. كان المد القومي في عزة، وتسوده شعارات وأهداف الوحدة العربية والصراع مع الغرب وإسرائيل وتحرير فلسطين.

مر في 1956 العدوان الثلاثي على مصر، وكان الخطاب القومي جارفا، كنا جيلا واعيا سياسيا ومنغمسين في الواقع العام. أنا كنت من سكان جبل عمان، لكني عشت حياتي في اللويبدة، فقد التحقت بالسكن الداخلي للمدرسة، وخلال الصيفية كنا نذهب الى لبنان أو سورية.

درست في جامعة "تنيسي" الأميركية الهندسة، هل كان اهتمامك علميا مبكرا؟

كنت أحب مواد الرياضيات والفيزياء والعلوم فتوجهت لدراسة الهندسة.

أذكر من المدرسين في كلية تراسنطا أستاذ عودة الطوال، وبطرس علامات من مادبا، أستاذ أمين أحمد أمين للرياضيات، عزت زاهدة للكيمياء والأستاذ حنا عبود للجغرافيا وجميل بطرس للتاريخ، وكان معلم اللغة الإنجليزية من الرهبان الفرنسيسكان، ومعلم اللغة العربية أستاذ من عائلة خوري، كان متميزا في اللغة العربية، هو كان مسيحيا لكنه كان يحفظ القرآن، كان يقول لنا: إن من يردْ أن يتقن العربية ويطور لغته فعليه أن يقرأ القرآن الكريم.

وماذا عن الطلاب؟

- خريجو كلية تراسنطا كانوا متميزين، عدد كبير من طلاب مدرستنا خرجوا للدراسة في الخارج، وكانت الجامعة الأميركية في بيروت تستقبل سنويا الكثير من الطلاب الأردنيين، والعديد ذهبوا الى أميركا وبريطانيا للدراسة الجامعية.

بالمناسبة، في السنة الأولى في جامعة تنيسي، لم نجد صعوبة نهائيا في مواد الرياضيات والفيزياء والعلوم، ربما كان هناك صعوبة بسيطة في اللغة الإنجليزية خاصة الأدب الإنجليزي. بالمجمل كانت مخرجات التعليم المدرسي تلك الفترة جيدة جدا، ليس فقط في مدرسة ترسنطا، بل أيضا في مدرسة المطران والكلية العلمية الإسلامية والفرير ورغدان والحسين، أذكر أن أوائل مدارس الحكومة كانوا يبعثون للدراسة في الجامعة الأميركية ببيروت، وكانوا الأوائل أيضا هناك.

لم تكن المدارس فقط فاعلة ومتميزة في التعليم، بل أيضا في تنمية شخصيات الطلاب وتثقيفهم، وكان هناك حياة اجتماعية مهمة.

وربما كنا كطلاب في عمان أكثر حظا من غيرنا من الطلاب في مدن وقرى أخرى، فالأوضاع الاقتصادية والمعيشية لعائلاتنا كانت أفضل.

لو سألنا عن اندماج العائلات الشامية في مجتمع عمان في تلك الفترة؟

-نحن عائلة سلطية، لنا علاقات حميمة وقريبة مع العائلات الشامية خاصة وأن أصولنا شامية، بالإضافة الى أن والدتي سورية ومعظم أهلها كانوا يسكنون في عمان.

عائلات عمان القديمة كانت في أغلبها سلطية ونابلسية وشوام وشركس. هؤلاء كانوا الشريحة الأكبر، وكانوا متقاربين اجتماعيا، وبينهم علاقات واندماج كبير، خاصة وأن عدد سكان عمان في تلك الفترة كان بضعة آلاف، وكانوا يعرفون بعضهم، ويتزاورون ويتواصلون اجتماعيا.

بعد العام 1948 ازداد عدد سكان عمان مع الهجرة الفلسطينية، وبدأت عمان تتوسع وتنمو.

خلال فترة الدراسة المدرسية، كيف كان تواصلكم مع الضفة الغربية التي كانت جزءا من المملكة؟

- كانت هناك رحلات مدرسية الى مدن الضفة. وأذكر، أيضا، أن والدي، رحمه الله، كان يأخذنا أسبوعيا الى الضفة الغربية، شتاء كنا نذهب الجمعة الى أريحا، ونتغدى فيها، وفي الصيف نذهب الى رام الله أو القدس، وفي رمضان كنا نذهب أحيانا مع والدينا الى القدس للصلاة في الأقصى.

أيضا كانت لي عمة متزوجة في العيزرية (قضاء القدس)، وزوجها من بيت خلف، وعمة أخرى متزوجة في نابلس، وزوجها من بيت المصري، وكان التواصل مع عمتيّ دائما، وهما تزوجتا قبل سنة 1948.

أيضا شركاء والدي في التجارة، كان كثير منهم من الضفة الغربية وخاصة نابلس والخليل، والعلاقات معهم كانت حميمة. وبصورة عامة كانت العلاقات بين الضفتين، خاصة بعد الوحدة، قوية وفيها تواصل مستمر، وكانت شركة النقل الخاصة بوالدي لها خطوط على القدس والخليل ونابلس ورام الله.

في الخمسينيات كان ثمة حراك وزخم سياسي، كيف تذكر تلك الفترة؟

- في العام 1956 كان عمري عشر سنوات، أي لم أكن كبيرا، لكن أذكر المظاهرات والمسيرات، وكنا نشارك فيها، طبعا كنا نشارك أحيانا من دون أن نعرف من ينظم هذه المسيرة او تلك، أحيانا نسير مع مظاهرة للإخوان المسلمين من دون أن نعرف، وأحيانا مع القوميين.

لكن كان هوانا وتوجهاتنا قومية، وكان ميلنا للأحزاب القومية. في البيت كانوا يخوّفونا من الشيوعية، ومن الانطباعات عن عدم تدينها.

أذكر أنه كان للوحدة السورية المصرية نهاية الخمسينيات، وللاتحاد الهاشمي بين العراق والأردن صدى شعبي كبير. أذكر كم أثارت فينا من اعتزاز وتأثير.

كان الكثير من الحراك تلك الفترة عاطفيا، فالأحزاب لم تكن، في معظمها ناضجة سياسياً، ولم تستطع استيعاب المرحلة، وكان بعضها يتأثر بالخارج، أو يسعى لقلب النظام، فدخلنا في مرحلة سياسية جديدة بعد 1956، وبدأت مرحلة الأحكام العرفية.

أذكر مثلا أنه في سنة 1963، وكنا قد أنهينا امتحانات المدرسة الثانوية فذهبت الى البرلمان وحضرت جلسة لمجلس النواب، وتم يومها حجب الثقة عن حكومة المرحوم سمير الرفاعي، وكان شقيقي الأكبر، موسى رحمه الله، نائبا حينها. كانت جلسة عاصفة، وقدم الرفاعي على إثرها استقالته، وشكلت حكومة جديدة، أعلنت الأحكام العرفية، وحلت مجلس النواب. كانت فترة مليئة بالأحداث الساخنة والمتغيرات.

كان فارس النابلسي صديقك وزميلك في المدرسة، هل تستذكر فترة حل حكومة والده العام 1956؟

-بعد حل حكومة النابلسي تم وضع المرحوم سليمان النابلسي في الإقامة الجبرية في منزله، كنا أصدقاء لفارس، ولم نكن نستطيع زيارة بيته، واستمرت الإقامة الجبرية عدة سنوات، وبعد رفعها بدأنا نزور فارس في بيته، ونلتقي بالمرحوم دولة سليمان باشا، ونستمع منه، كان يملك عقلية منفتحة ومتقدمة، وهو علم في الأدب والشعر واللغة والسياسة، وكان يحفظ القرآن الكريم كاملا.

كانت شخصية رائعة، وكانت لي عنده معزة خاصة، عندما كنت أزورهم بعد العام 1967 كان يقول لي: "أهلا علي بيك"، وعندما تساءل أصدقائي أمامه عن سر "البيك"، كان يرد بالقول: إنه يذكرني بعلي بيك مسمار رحمه الله. وقد استمرت العلاقة وثيقة بعائلة النابلسي.

كيف تقيم شخصية سليمان النابلسي في مرحلة ما بعد حل حكومته؟ هل كان ناقما سياسيا؟

- لا، هو لم يكن ناقما، كان شخصية سياسية لطيفة، وهو عاطفي جدا، صريح ومرح، بالإضافة الى حماسه الوطني وعروبته الصادقة وذكرياتي الشخصية كشاب وطالب عنه جميلة. كان يجالسنا كشباب عندما نزور فارس، يحدثنا ويمازحنا، خاصة بعد عودتنا من الجامعة بعد العام 1967.

أذكر أنه في العام 1963، عندما وقعت بعض الأحداث، تم وضع فارس النابلسي وشقيقته مع والدهم في الإقامة الجبرية المؤقتة (لبضعة أشهر)، فكنا كأصدقاء لفارس نقفز من فوق سور منزل جيرانهم عائلة العلبي الى بيتهم ونجلس مع فارس، فكان يأتي المرحوم أبو فارس وينهرنا: "لماذا أتيتم، هلأ بحبسوكم".

لكننا بقينا ندخل الى بيتهم بتلك الطريقة، ونسهر مع فارس ونلعب ورق الشدة ونتواصل معه.

قرارك بالدراسة في الولايات المتحدة العام 1963 هل كان سهلا؟

- لم يكن سهلا. لكن أخي الأكبر المرحوم موسى كان قد درس في ذات الجامعة تنيسي، ودرس معه في ذات الفترة خالد الحاج حسن والمرحوم سعيد الغزاوي، وكان أخي موسى قد عاد متخرجا سنة 1955 من الجامعة، أذكر أننا خرجنا يومها بالمئات الى المطار لاستقباله، وقد كان عائداً من "أميركا". كان خريجو أميركا أمرا كبيرا ومهما وحلما لنا.

عندما أنهيت المدرسة العام 1963 طلب والدي أن أذهب للدراسة في بيروت، لكني فضلت أميركا.

وقد تألم والدي كثيرا لذهابي أنا وأخي إبراهيم للدراسة في أميركا.

عدت العام 1967، وكان رقمي حينها في نقابة المهندسين "345 مدني" وأذكر أن أول ممارسة ديمقراطية لي كانت في انتخابات النقابة العام 1968 حيث تم انتخاب المرحوم جعفر الشامي نقيباً للمهندسين.

من درس معك من الأردن؟ ولماذا تنيسي تحديدا؟

- عدد كبير ممن أعرفهم ذهب في تلك الفترة للدراسة في أميريكا، كنا أنا وأخوتي وأفراد عائلة بدير وعائلة الحاج حسن، وعائلة خلف، وعائلة الغزاوي ومن عائلة المصري (سحاب)، وغيرهم.

كان في تنيسي تواجد كبير لعائلة "حرب" الفلسطينية، وأصلها من البيرة، كان معظمهم يعملون في التجارة وفي مهن أخرى، وكان لديهم نادي رام الله، وكانت علاقاتنا كطلاب أردنيين بهم ممتازة، ولأن الجو في تنيسي كان رائعا، وهي مدينة في الجنوب الأميركي، مجتمعها محافظ ومصنف أميركيا بالقروي والبسيط، وكان ذلك مريحا لنا كعرب.

أنت تخرجت من الجامعة بالتزامن مع وقوع نكسة حزيران 1967؟

- نعم، أنهيت امتحاناتي في الجامعة في الفترة التي وقع فيها العدوان الإسرائيلي واحتلت فيها القدس، كانت فترة مؤلمة وقاسية جدا، وحطمت نفسياتنا، خاصة في ظل انحياز الإعلام الأميركي لإسرائيل، وشماتته من العرب وهزيمتهم وتزيينه للنصر الإسرائيلي.

عدت الى عمان أواخر حزيران 1967.

كنت قد عدت الى عمان خلال فترة دراستي الجامعية مرة واحدة عام 1965. كانت نتيجة نكسة حزيران قاسية علينا جميعا، لم يكن احد يصدق ان الجيوش العربية ستنهار وتحتل القدس والأراضي العربية في سيناء والجولان، كنا نجلس ونبكي قهرا ونحن نتابع مجريات الأمور.

هل كان عددكم كطلاب عرب كبيرا؟

- كان العدد كبيرا، نحو 50 الى 60 طالبا عربيا. كنا كأردنيين وعراقيين الأكبر عددا بينهم، وثم المصريين واللبنانيين.

هل شكلت الجامعة لكم صدمة حضارية؟

-لا، لم يشكل انتقالنا الى الجامعة صدمة، فمن جانب، كانت الحياة هناك فرصة للاطلاع على الحضارة الغربية عن قرب، ونمط جديد، لكن من جانب آخر، فإننا لم نشعر أن الانتقال كان حادا علينا.

خاصة أنه كان لنا أصدقاء وزملاء من ذات المدرسة سبقونا للدراسة في الجامعة في السنة التي سبقتها، وقد ساعدونا على الاندماج في المجتمع هناك.

كم كان مصروف الطالب الأردني حينها؟

- أذكر، أنه كان يأتينا ألف دولار كل ثلاثة أشهر، كان ذلك يمكننا من العيش في بحبوحة، كان هذا المبلغ يشمل الرسوم والكتب والأكل والسكن.

عندما عدت من دراستك الجامعية لعمان العام 1967، هل التحقت بالعمل مباشرة؟

- لا، كان التعيين متوقفا بعد الحرب وتأثيراتها. لاحقا بات هناك استثناءات في التعيين، خاصة للمهندسين. كان الأخ أحمد اللوزي وزيرا للبلديات حينها، وتربطنا به علاقة عائلية جيدة، وكان هناك حاجة كبيرة للمهندسين وتتوفر شواغر عديدة لهم، وكان رئيس ديوان الخدمة المدنية حينها المرحوم أحمد الطراونة، ووافق على الاستثناء لتعييني مهندسا في البلديات بعقد وراتب 90 دينارا شهريا.

خلال عملنا في وزارة البلديات قطعنا الأردن طولا وعرضا، وقد انتدبت خلال تلك الفترة للعمل في بلدية السلط ومادبا والزرقاء.

خلال فترة أحداث أيلول كنت في دورة في بريطانيا، وكنت قد تزوجت قبلها بقليل العام 1970.

العام 1972 استقلت من الوزارة، وأسست شركة مقاولات، بالشراكة مع المهندسين عوني الساكت وحسان الحاج حسن. في بداية عملنا نفذنا مشروع مياه في العقبة ومبنى مصنع البندورة في ماركا. سنة 1973 نفذنا مع شركة فرنسية مشروع سكة حديد معان الحسا، فسكنت في معان ثلاث سنوات (73 - 1975)، ثم توسع عمل الشركة، وأخذنا مشاريع كبيرة وعديدة في العقبة، فاضطررت للسكن فيها من 1975-1985، كنت أمكث في العقبة 3-4 أيام أسبوعياً. نفذنا الطريق الخلفي للعقبة، مصنع الأسمدة، الميناء الصناعي بالشراكة مع شركة ألمانية بالإضافة الى الموانئ العائمة، وميناء الحاويات، وغيرها.

بقيت شريكا الى أن أصبحت وزيراً العام 1991، بعد ذلك كنت شريكاً مساهما فقط لغاية 1994 حيث انسحبت من الشركة كلياً.

رحلة العمر مع أم حسن، كيف تقيمها الآن؟

- زوجتي سلطية من عائلة أبو حسان. كانوا من سكان اللويبدة أيضا. لقد تحملتني وتحملت الصعاب معي منذ عملي في قطاع المقاولات، حيث سكنت في معان من 1973 الى 1975، وفي العقبة بشكل شبه دائم من 1975 الى 1986، ومن ثم في العقبة بشكل متقطع بين عامي 1986 و 1990، وكانت هي في عمان وبعد ذلك معارك الانتخابات النيابية والمشاركة في الحكومات، مما لم يمكنني من توفير الوقت الكافي للعائلة. لقد كانت داعماً كبيراً لي في مختلف محطات حياتي، خاصة العامة، التي تطلبت منها جهودا كبيرة إضافية، بسبب انشغالي وكثرة أسفاري، أي تحملت معي كل هذه الحياة المليئة بالعمل والجهد، كما تحملت الجزء الأهم من مسؤولياتي تجاه تربية الأولاد، وكانت على الدوام مثالا للصبر والرضا. فلها مني دائماً العرفان والتقدير، فالحاجة أم حسن نعمة في حياتي والحمد لله.

ماجد توبة ومحمد الرواشدة / الغد

majed.tobeh@alghad.jo
 

mohammad.rawashdeh@alghad.jo





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع