زاد الاردن الاخباري -
الأردنيون فقط، دون شعوب الأرض قاطبة، من لديهم حكاية مزمنة، مفتوحة دائما، تجعل من جميع جلساتهم ونقاشاتهم، في الواقع وفي فيسبوك وتويتر وفي أي مكان، لا يصيبها الملل أبدا.
الأردنيون فقط، لديهم قدرة عجيبة على فتح موضوع ( أردني - فلسطيني ) في أي وقت، وفجأة تصبح الجلسة ساخنة ويتحمس الجميع، الصغير والكبير للإدلاء بدلوهم في الموضوع، أحيانا على شكل مزاح ومناكفات، وأحيانا تتطور لتصبح فرض وجهات نظر، وقد تصل إلى الصراخ والزعل والحرد وأحيانا تشابك بالأيدي (!!).
بشكل عام فإن الجلسات العادية، في المناسبات وبين الجيران وفي العمل وغيره، هي الموطن الأصلي لهذه النقاشات، وكلما انتهى موضوعا حول الحياة والسياسة والظروف، وقبل أن يخيم الصمت، تسمع أحدهم وقد تبرع لفتح موضوع أردني فلسطيني، أحدهم يقول مثلا: (والله جمهور الفيصلي زودوها في المباراة الأخيرة)، فيرد أحدهم: (ليش جمهور الوحدات أحسن؟)، ثم ينتبه ويتنبه الجميع إلى لحظة البداية، فيتنطحون للمشاركة، كل حسب وجهة نظره، وقد تنتهي بعد ساعات، وقد تستمر لسنوات !!
الآن تحولت ساحة المناكفات إلى العالم الإفتراضي، عشرات الصفحات على الفيس بوك، تظهر فيها بشدة، وفجأة ، تحديات صارخة، إحداهن تكتب مثلا: (الله يسعدهن الأردنيات النشميات)، أخرى ترد: (والفلسطينيات مش نشميات ؟!؟؟)، الأولى تقول:(الأردنيات والفلسطينيات النشميات..)، أحدهم يسأل: (وهل تعتبر الفلسطينية نشمية؟) فتعود الثانية تسبه وتشتمه (من الزنار وتحت) فيرد عليها الشاب بقسوة، فتنسحب الأولى ويقوم (الأدمن) بعمل (بلوك) للجميع (!!)
الحقيقة أن مرض (أردني - فلسطيني) لن يتوقف، ولا أعتقد أن هناك شخص ما أو جهة ما تريده أن يتوقف، ويبدو أن مصلحة الجميع، هو استمرار هذه المهزلة المزمنة، سواء من الأعداء، الذين يراهنون على عمق الإنقسام في الهوية، ويدفعون الغالي والرخيص لتعميقه وتجذيره، أو من العملاء، وهم كثر، أو من المؤسسات التي لا تقوم بواجبها لمحاربة الظاهرة، أو من الناس أنفسهم، الذين يغريهم أن يكون لديهم دائما (جرح مفتوح) يتحدثون عنه ويضغطون عليه ويستمتعون في تفريغ أمراضهم النفسية من خلاله !
بالنسبة لي، فلن أكف عن التنبيه للمخاطر، رضي من رضي وغضب من غضب، وكذلك التأكيد، بمناسبة أو من دون مناسبة، أن كل من يسكن غرب النهر وشرق النهر جاءوا من أصول واحدة، ودماء واحدة، عقيدة وحضارة وتاريخ واحد، مهما تعددت الأسماء، ومهما اختلفت الأمزجة، ورغما عن أنف (سايكس بيكو) ورغما عن أنف الكائدين !