زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - أقدم وأضخم أربعة مصانع حديد في الأردن أغلقت أبوابها تماما قبل عدة أيام ووجد مئات العمال والموظفين أنفسهم في الشارع لصالح «فرضية فساد» جديدة تجتاح الأوساط الإقتصادية وخصوصا العاملة بقطاع الحديد بعنوان «تمكين» تاجر حديد جديد ومغمور من التحكم المطلق بالسوق المحلي والمجاور.
لا توجد معلومات شفافة في هذا القطاع لكن سلطات القضاء بصورة بلاغات محتملة عن وجود «جريمة» وإحتجاجات ومذكرات العمال من المصانع التي أقفلت أبوابها بدأت تصل لمكتب رئيس الوزراء ونخبة المال والأعمال والإستيراد والتصدير تتهامس بقصة شخصيات نافذة وطارئة إبتلعت أحد أهم القطاعات وأكثرها ربحا وإحتكرت الأسواق.
الكلام يتناقله كبار رجال الصناعة في قطاع الحديد عن تمكين إحدى الشركات من إدخال كميات هائلة من الحديد الخام بدون رسوم او ضرائب على اساس تصنيعها واعفائها من مدخلات الانتاج واعادة تصديرها لأسواق خارجية في الوقت الذي دخلت فيه هذه الشحنة الهائلة الى الأسواق المحلية وبأسعار مخفضة بحيث انتهى الأمر بإغلاق أبواب المصانع الأربعة العملاقة.
مثل هذه القصة مألوفة في طبقة رجال المال والسياسة الاردنيين لكن يفترض ان ضحايا هذه المسألة وهم مراكز قوى اساسية ليسوا في صدد هضم وابتلاع ما حصل بل الاشتباك دفاعا عن مصالحهم مما يعني تلقائيا عاصفة جديدة من التسريبات والشائعات والمعلومات على حساب سمعة البلاد ونشاطها الاقتصادي.
يحصل ذلك فيما لم تقفل بعد ملفات عالقة تحت عناوين الفساد والاحتكار فرئيس ادارة مكافحة الفساد الجنرال سميح بينو خرج للإعلام قبل عدة ايام مستعرضا انجازات ادارته وموحيا ضمنيا ان التحقيق لازال مستمرا في شركات كبيرة تنتمي لعائلة القطاع الخاص ملمحا في الوقت نفسه لصعوبة التحقيق عندما يتعلق الأمر ببعض القضايا والملفات بسبب مراكز قوى ونفوذ.
الساحة المحلية لا تحتمل المزيد من حروب الفساد او الايحاء بصراع له علاقة بشركات كبرى في ظل انشغال مؤسسات بالوضع الاقليمي المتوتر خصوصا في العراق وسوريا وفي ظل الجدل العاصف الذي تثيره قضية كنز الذهب على مستوى الشارع والرأي العام.
النقاش في ملف الذهب الذي يعتقد انه يخلخل اركان الحكومة الحالية تعاظم على المستوى الشعبي حتى وصل الى ظهور رئيس الاركان والرجل الاول في مؤسسة الجيش الجنرال مشعل الزبن الى جانب رئيس الحكومة الدكتور عبد الله النسور في مؤتمر صحافي نادرعقد مساء الثلاثاء للإجابة حصريا على مسألة الذهب المثارة في كل الصعد والمسارات.
لم يسبق لمؤسسة القرار السياسي ان اضطرت للإستعانة برموز مؤسسة الجيش السيادية بسبب فقدان الخطاب الرسمي للمصداقية على المستوى الشعبي.
لذلك يمكن اعتبار ظهور الجنرال الزبن وهو لا عب مهم ومؤثر وقوي في هذه المرحلة الى جانب النسور في المؤتمر الصحفي اشارة مباشرة على تآكل وضع الحكومة من الداخل وضعف هوامش المبادرة والمناورة امامها خصوصا وان ملف كنز الذهب المزعوم وصل الى مستويات غير مسبوقة من الإثارة والضجيج.
اهالي مدينة عجلون شمالي البلاد اعلنوا التصعيد للضغط على الدولة والاعتراف باكتشاف ما يعرف محليا باسم كنز هرقل وعضو البرلمان عن كتلة الوسط الاسلامي الحليفة للدولة مصطفى العماوي اعاد انتاج الجدل حول الكنز عندما قدم للإعلام شهادة متأخرة تفيد بأنه حضر في المكان وشاهد عمليات الحفر قائلا بأنها جرت تحت اشراف رجلين وسيدة لم يتمكن من معرفتهم او تحديد هويتهم مشيرا الى ان السيدة شقراء قليلا والى ان الاجهزة العسكرية والامنية المعروفة لم توجد في المكان متحديا بأن الحكومة نفسها لا تعرف شيئا عن تلك الحفريات التي شارفت على اسقاط حكومة الدكتور عبد الله النسور.
خطورة رواية الدكتور العماوي تنحصر في سجله المعروف باتزانه ومصداقيته مقارنة بالنواب الذين ركبوا موجة كنز الذهب لتصفية حسابات مع الحكومة مما اضعف مسبقا حتى الرواية الرابعة التي قدمها النسور عن الشائعات في وقت حرج.
حصل ذلك قبل إدلاء الجنرال مشعل ببيان الحقيقة من زاوية الجيش وعلى أساس عملية عسكرية لإزالة متفجرات وأجهزة إسرائيلية مزروعة في الأرض الأردنية منذ عام 1967 عبر الإستعانة بخبراء إسرائيليين واجهزة إسرائيلية وبإشراف القوات المسلحة.
ضحايا اغلاق مصانع الحديد الكبيرة قرروا عدم الصمت وسيثيرون الغبار حول حكومة النسور خلال الايام القليلة المقبلة خصوصا بعد تجاهلهم والاخفاق في احتوائهم من قبل وزير الصناعة والتجارة الدكتور حاتم الحلواني.
الجدل الذي تثيره معركة صناعة الحديد خلف الستارة قد لا يقل اهمية عن النقاش المهووس في ملف الذهب والكنز امام الشارع والاعلام والبرلمان، تطورات لافتة في النقاش العام في الأردن من المرجح ان يدفع ثمنها طرف واحد فقط وهو الدكتور عبد الله النسور.
القدس العربي