زاد الاردن الاخباري -
منذ القرار بعودة الحياة النيابية في الأردن عام 1989، وحتى هذه اللحظة، لم يشعر الأردنيون أبدا بأن هناك تغييرا جذريا قد حدث على مسار الحياة الإنسانية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية، وكل ما حدث فعلا هو أن هناك مجموعة أحزاب وجماعات، تُعد على أصابع اليد، كانت تعمل في السر، تكتسب ميزة العمل السري، فأصبحت تعمل على العلن، وانكشفت وأنكشف أنها ضعيفة وهشة في أفكارها وقدرتها على إحداث التغيير المطلوب، وكذلك تضاعف لدينا أصحاب النفوذ والحيتان عدة مرات.
المراجعة السريعة تقول أن المجالس النيابية، ومنذ المجلس النيابي الحادي عشر، لم تقدم أو تؤخر فعلا في عمق العمل السياسي والإنساني، فقانون الصوت الواحد، بقي هو الحكم الفيصل لتركيبة المجلس النيابي وكنه الإنتخابات، وكذلك بالنسبة للحكومات البرلمانية، وكذلك الأمر بالنسبة للقضايا الإنسانية والقضايا الإقتصادية، ولم يلمس الشارع الأردني تغييرا واحدا حقيقيا على تلك المستويات، فكانت الحكومات قبل مجلس النواب تأخذ قراراتها بنفسها وتفرضها على الشعب الأردني، ثم جاءت المجالس النيابية لتساعد الحكومات على توثيق قراراتها ومخططاتها وأفكارها بإصدار الثقة تلو الثقة لكل ما تفكر به الحكومات.
لم تستطع المجالس النيابية إتخاذ قرار سياسي واحد، فلم تتمكن مثلا من طرد السفير الإسرائيلي، أثناء العدوان على غزة، ولم تستطع أن تقف إلى جانب الشعب حين قرر رئيس الوزراء عبدالله النسور رفع أسعار كل شيء تقريبا، بل فشلوا في أيضا في دفعه لإيجاد بدائل مجدية لحل المشاكل الإقتصادية بعيدا عن جيوب الشعب المتعبة.
ومع أن الدستور يقول أن الحكم نيابي ملكي، ومع ذلك فإن المراجعة السريعة وكشف الحساب يقولان بصورة واضحة أن الشعب الأردني لا يحتاج إلى مجلس نيابي، ولا يحتاج إلى هذه التمثيليات التي تزيد العبىء على كاهل الشعب، فالشعب الأردني لا يحتاج إلى عصابات ورجال نفوذ جدد، بالإضافة لأصحاب النفوذ المعروفين، للسيطرة على مقدرات البلد والسيطرة على الوظائف والصفقات واللوبيات دون أن يكون هناك مقابل واحد على الأقل يلمسه الشعب بيديه.
لا شك أن هناك أفكار بديلة لقانون الإنتخاب المزعوم، الذي انتظرناه سنوات طويلة ليأتي لنا بالحياة الحزبية النموذجية ويحقق لنا التنمية السياسية ويساهم في بناء الأردن ويأتي لنا بممثلين عن الشعب، كل الشعب، قادرين على محاسبة الحكومات ومقارعتها، بدل أن هؤلاء الذين يحلمون فقط براتب تقاعدي يزيد عن 3000 دينار نظير عمل لا يقومون به وواجب هم مقصرون فيه !