آلاف الطلبة من خريجي الثانوية العامة يصطفون هذه الأيام في طوابير أمام وحدات القبول والتسجيل التابعة للجامعات الحكومية يبحثون عن مقاعد دراسية لهم خاصة في الكليات العلمية .. عدد كبير منهم حضروا برفقة آبائهم أو أمهاتهم ليساعدوهم في عملية البحث عن مقعد جامعي أو اللجوء ان أمكن الى الواسطة .. أغلب الوجوه تراها هناك متوترة وعلامات الاكتئاب بادية على أولياء الأمور لأنهم المضطرون حتما لدفع تكاليف الدراسة في الجامعات العربية والأجنبية حتى يحصل أبناؤهم على التخصصات المرغوبة .. والسؤال الذي يوجهّه المواطنون الى وزارة التعليم العالي أليس بمقدور هذه الوزارة أن تغيّر من سياستها التعليمية فتعدّل من أسس ومعدلات القبول على غرار الدول العربية المجاورة وغير المجاورة التي تستوعب جامعاتها كافة الخريجين من أبنائها .. حيث أنّ كثيرا من طلبتنا مستعدون لدفع الفرق المادي والقبول بالموازي على الرغم من ارتفاع تكاليفه ليكونوا قريبين من أهاليهم ومناطق سكناهم ..
في المدن المصرية على سبيل المثال كنت أشاهد بنايات شاهقة مستأجرة أو مملوكة للحكومة تتبع كليات الطب في الجامعات وهي بنايات من غير اضافات باستثناء المدخل .. أليس بالامكان أن نفعل كبقية الدول الشقيقة والصديقة نستوعب في جامعاتنا كافة أبنائنا فنختصر من تكاليف سفرهم واقامتهم في الخارج .. ماذا يكلف الدولة لو أقامت كليات للطب بجانب المستشفيات الحكومية وبالتنسيق مع وزارة الصحة مقارنة بما يصرف على الدراسة الخارجية .. هناك بعض التخصصات لا زالت الدولة بحاجة اليها بسبب النقص الشديد كالطب مثلا .. اذن لماذا لا تخفض جامعاتنا الوطنية معدلات القبول في هذا التخصص لخمس علامات فقط حتى يتمكن الطالب الحاصل على معدل 93 بالمئة من الالتحاق في كليات الطب الاردنية بدل سفره للدراسة في الخارج وهنا يرتفع عدد الخريجين في الطب لسدّ الحاجة اليهم .. كم سيوفر ذلك على الاقتصاد الوطني وعلى الأهالي بشكل خاص من العملات الصعبة التي تبلغ سنويا مئات الملايين من الدنانير فضلا عن صهر شبابنا في بوتقة الوطن الواحد وتجنيبهم التعرض لثقافات وقيم اجتماعية متناقضة مع بيئتنا المحلية ..
في الجامعة الاردنية التي تابعت فيها هذا الموضوع اقترب مني العديد من أولياء الأمور طالبين مني اثارة هذا الأمر في الوسائل الاعلامية علما أنّ هذه القضية تحتاج الى مناقشة على أعلى المستويات كما يتعين على السادة النواب ادراجها في جلساتهم على بند ما يستجد من أعمال .. انها برأيي صرخة واسعة يعاني من تداعياتها نسبة كبيرة من المواطنين في كافة محافظات ومناطق الوطن فهل من مستجيب !!