زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - لا توجد مؤشرات خطر ميدانية مباشرة تبرر استعدادات أمنية طارئة لمواجهة مخاطر المد «الداعشي» المحتمل إلى الأردن لكن الآنباء توالت عن «معونة أمنية» عاجلة اتيحت من جهة السعودية للحكومة الأردنية ضمن تنسيق خطوات مكافحة الإرهاب. بعض المصادر تربط المعونة السعودية التي تقررت فيما يبدو ولم تصل بعد ولا تتجاوز 250 مليون دولار بعد «وقفة» لوزير الداخلية الأردني الجنرال حسين المجالي مع نظيره السعودي الأمير محمد بن نايف تخللها حديث صريح عن الصعوبات الإقتصادية في الأردن والتحديات الأمنية وهي وقفة لم يعلن عنها أي من الطرفين وتمت على هامش زيارة «عائلية» للوزير المجالي للسعودية.
بعيدا عن الاتصالات الأمنية مع السعودية وخلفياتها تحركت السلطات الأمنية وسط تأييد اجتماعي هذه المرة في «البيئة الصغيرة» التي يفترض أنها قد تشكل حاضنة لتنظيم «داعش» في عمق المجتمع الأردني.
حصلت القفزة الرسمية الأردنية باتجاه «الداعشيين» المحتملين بعد تقييمات شرسة في غرفة القرار لكل التفاصيل وبعد «نمو» الحملات الإعلامية التي تشارك في نشر وبث أفعال «داعش» وتصرفاتها في سوريا والعراق.
وسط هذا التحرك برزت مفاجآت رصدت بعضها «القدس العربي» تمثل أهمها في تراكم قرائن وأدلة على عدم وجود «حاضنة» حقيقية مقلقة لتنظيم «داعش» في عمق المجتمع الأردني بقدر ما توجد محاولات «تشبه» بـ«داعش» أو نكايات تنتهي بتأييد بعض السلفيين لها لأسباب لا علاقة لها إطلاقا بوجود نسخة من التنظيم فعليا في الأردن أو وجود خطة للتواجد في الأردن.
الخبير في الحركات الجهادية المحامي موسى العبداللات أكد لـ»القدس العربي» أن تنظيم «الدولة» يهتم مرحليا بتثبيت وجوده ضد الطغاة في بغداد ودمشق ولا مؤشرات على اهتمامه بتوسيع نشاطاته في الأردن أو حتى في الجزيرة العربية.
المحلل السياسي الدكتور عامر سبايله له رأي مختلف وهو يقدر أن «داعش» التي تتعرض لضربات منهجية في العراق وسوريا الآن ستسعى إلى «الهرب والإفلات» بعد إغلاق الحدود التركية في وجهها لمناطق جديدة.
سبايله يرشح السعودية وبلاده الأردن لهذا الاحتمال والسلطات الآن أسست إستراتيجية خاصة لتعقب الاحتمالات والاستعداد للطوارئ مبنية على المعلومات اليومية السرية دون «مبالغة أو تهوين» وفقا للتعبير الذي يستعمله بالعادة وزير شؤون الاتصال الناطق الرسمي الدكتور محمد المومني.
ملاحظات متعددة للمؤسسة الرسمية بعد دراسة الملف رصدت في الأونة الأخيرة أهمها عدم وجود «خلايا منظمة» داخل الأردن باسم «داعش» حتى اللحظة ووجود ثلاثة مستويات في الشارع السلفي الجهادي في إطار التعاطف مع «داعش» وتفهم أجندتها وبالتالي عدم وجود حاضنة حقيقية حتى اللحظة على الأقل مع بروز محاولات فردية «للتدعوش» على حد تعبير مسؤول بارز نكاية بالسلطات ودون وجود تواصل حقيقي مع أركان هذا التنظيم في العراق وسوريا.
تجليات محاولات «التدعوش» هذه برزت عندما حمل راية «داعش» نكاية في السلطات في مدينة معان جنوبي البلاد ستة مطلوبين أمنيين على ذمة قضايا جنائية، قبل ثلاثة أيام تم اعتقال خمسة من هؤلاء في منطقة اللبن المحاذية لعمان العاصمة كانوا مختبئين وهاربين من معان وبقي السادس وهو قيد المطالبة. يبدو ان المسألة هنا متعلقة بالصورة النادرة التي ظهرت في معان لعدة أشخاص وهم ينظمون مسيرة غامضة مؤيدة لـ»داعش» في وسط مدينة معان تبين لاحقا أنها نظمت من مطلوبين جنائيين حسب مصادر رسمية لا علاقة فعلية لهم بـ»داعش».
المعطيات تتحدث عن توقيف خمسة «متدعوشين» أيضا في مدينة الرصيفة المحاذية للزرقاء معقل السلفيين الأسبوع الماضي مع اعتقال ثلاثة أشخاص ووضع أربعة آخرين قيد المطاردة يعتقد وحسب الخبراء أنهم «تواصلوا» مع «داعش» عبر المنابر الإلكترونية أو أيدوها علنا، أحد هؤلاء في مدينة السلط والآخر من مخيم البقعة والثالث من مخيم إربد.
دون ذلك ينقسم الجمهور السلفي إلى ثلاثة مستويات في مسألة «داعش» داخل الأردن الأول يعادي داعش علنا ويلاحظ عليها بقيادة الشيخ أبو محمد المقدسي، والثاني مؤيد لجبهة النصرة أصلا التي يكاد «داعش» يقضي عليها في سوريا، والثالث متعاطف مع داعش وحائر قليلا ويتأثر بتأييد زعيم السلفية الجهادية الشيخ أبو محمد الطحاوي لها.
دون ذلك يهاجم كل الإسلاميين بمختلف مشاربهم في الأردن تنظيمات داعش بما في ذلك رئيس تيار زمزم الدكتور إرحيل الغرايبة والشيخ حمزة منصور والشيخ مراد العضايلة وحتى الشيخ زكي بني إرشيد القطب البارز في جماعة الأخوان المسلمين وإن كان الوزير المومني مصر على أن التيار الإسلامي لا يقوم بمسؤولياته الفعلية في التصدي لـ»الداعشية» والعنف والإرهاب.
بعيدا عن هذه التفصيلات لا يمكن القفز إلى استنتاجات متسرعة حول مخاطر داعش في الأردن فالحاضنة الاجتماعية برأي وتقدير السلطات لا توفر غطاء يوحي بالخطر حتى اللحظة والحدود مع العراق وسوريا لا يمكن مرور «ولو قطة» منها بدون رصدها مع ساحات مفتوحة تسمح بالمتابعة العسكرية والأمنية.
السيناريو الوحيد الذي تحتاط منه السلطات الأردنية هو ظهور احتمالية استعمال التكتيك القديم لتنظيم «القاعدة» في التأسيس لوجود «داعشي» في الداخل الأردني عبر أشخاص يحملون جوازات سفر أجنبية أو عربية ويمكنهم دخول الأردن بصفة رسمية مع إخفاء هويتهم «الداعشية»، حتى هؤلاء وضعت لائحة رقابة مهنية رفيعة لمتابعة احتمالاتهم عبر المطارات والحدود والموانئ.
القدس العربي