زاد الاردن الاخباري -
"كنت شديدة الشوق لارتداء الفستان الأبيض، بالنسبة لي كان الزواج فستانا أبيض وطرحة واحتفالا، لكني لاحقا أدركت أن هذا الثوب يعني حرماني من أكثر الأمور المحببة لقلبي.. المدرسة، واللعب مع قريباتي وصديقاتي في حارتنا الصغيرة".
بهذه الكلمات عبرت شمس (اسم مستعار) عن الفروقات بين توقعاتها من الزواج وحقيقة أن تكون امرأة مسؤولة عن عائلة وطفلين.
تقول شمس (19 عاما) خلال جولة إلى مخيم الزعتري "تزوجت وأنا في الخامسة عشرة من عمري في درعا. لم أستوعب فكرة الزواج في البداية، فغالبا ما كنت أخرج إلى الشارع للعب مع صديقاتي، أذكر أني كنت حبلى في الشهر السادس وكنت أخرج للعب".
وتضيف شمس "في بداية زواجي تعرضت لصعوبات كثيرة، اضطررت لترك دراستي، وغالبا كنت أشعر بفجوة بيني وبين زوجي الذي يكبرني بتسعة أعوام، إذ كان يعترض بشدة على مشاركتي للفتيات باللعب".
وتضيف كما "تعرضت لمضاعفات صحية عديدة نتيجة لحملي المبكر، ما اضطرني للبقاء حبيسة المنزل في الشهور الثلاثة الأخيرة".
وتبين شمس أن ولادتها كانت متعسرة فـ"انتهت بعملية قيصرية، وبعدها معاناة رحلة اللجوء وترك بلدتي والقدوم للزعتري، لأنجب ابني الثاني بعملية قيصرية أخرى".
بعد وصول شمس للمخيم برفقة زوجها وطفلها قبل نحو عامين، التحقت عن طريق قريبات لها بدورات يعقدها مركز النساء والفتيات الشامل التابع لصندوق الأمم المتحدة للسكان واللجنة الدولية للإغاثة.
ويهدف هذا المركز للتوعية بآثار الزواج المبكر ومساعدة الفتيات على كيفية التعامل مع التغييرات في حياتهن ورعاية أبنائهن والتوعية بالصحة الإنجابية.
تقول شمس "استفدت كثيرا من الدورات، فإلى جانب التوعية بكيفية إدارة شؤون الأسرة والصحة الإنجابية، استفدت من جلسات التفريغ النفسي ودورات الفنون والأشغال اليدوية، في الوقت ذاته، يستطيع فيه ابني الأكبر المشي لبعض الوقت في اللعب مع الأطفال الآخرين في باحة المركز".
مسؤولة الاستجابة في المركز نادين مياس تقول إن "المركز يعكف على عقد جلسات فتيات من الفئة العمرية (15 - 18 عاما)، ويتعامل البرنامج مع الفتيات المتزوجات وغير المتزوجات".
وتوضح مياس انه فيما يخص الفتيات غير المتزوجات فإنه يتم توعيتهن بتبعات الزواج المبكر، وأثر اتخاذ هكذا قرار في سن مبكرة على مستقبلهن ومستقبل عائلتهن، وأثره على صحتهن، وتوعيتهن بأهمية استكمال تعليمهن وتأجيل مشروع الزواج لحين بلوغهن السن المناسبة لذلك.
وتلفت إلى أن المتزوجات يستفدن من جلسات التفريغ النفسي وحلقات الدعم الاجتماعي لمساعدتهن في التعامل مع ما يواجهنه من صعوبات في حياتهن الزوجية ورعاية أبنائهن، إلى جانب دورات الأشغال اليدوية والفنية.
وتوضح مياس أن المركز تمكن من الوصول إلى أسر المخيم عبر شبكة متطوعين عدد أفرادها 32، بينهم 24 ميدانيا.
وتلفت مياس إلى وجود 4 مكاتب موزعة للمركز في المخيم، في حين يتراوح عدد المستفيدات من الدورة الواحدة بين 25 إلى 30.
وبالتوازي مع برنامج التوعية من تبعات الزواج المبكر، يوفر المركز خدمات دعم نفسي واجتماعي لضحايا العنف الأسري، ومساعدة قانونية وإدارة أزمة وجلسات وبرامج توعية وخدمات تحويل حالات.
ويتعامل المركز مع نحو 4 إلى 5 حالات لعنف أسري أسبوعيا، ويتم التعامل مع تلك الحالات على عدة أصعدة.
وكان تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" لفت لارتفاع نسبة زواج الفتيات اللاجئات السوريات في المملكة إلى 32 % في الربع الأول من العام الحالي مقارنة بـ18 % العام 2012. وبحسب الدراسة ارتفع معدل الزواج المبكر من 18 % من المجموع الإجمالي للزيجات العام 2012 إلى 25 % العام الماضي، ليصل إلى 32 % في الربع الأول من العام الحالي، في المقابل تبين الدراسة ان المعدل في الداخل السوري قبل الصراع 13 % من الزيجات، تضمنت فتاة تحت عمر الـ18.
وتعاني الفتيات اللواتي يتزوجن قبل سن الـ18 من زيادة خطر حدوث مضاعفات أثناء الحمل، ومن وقوعهن ضحايا للاعتداء، كما أنه وبسبب فقدان التعليم المدرسي، ففرصهن الاقتصادية أيضا محدودة، ويمكن أن يعلقن في حلقة فقر مفرغة.
الغد