مشهد من غرفة المستشفى.
جسد بارد في ثلاجة الموتى تتغشاه قطرات من ثلج يجمد بواقي الدماء في العروق، كفن ابيض، بعض من الكافور، مراسم التشيع ها قد بدأت، بكاء من هنا وتوحيد من هناك مشهد يفطر فؤاد الجميع، يبدأ المغسل بقلب تلك الجثة الهامدة يمينا وشمالاً يدعو له بالمغفرة بحق كل قطرة ماء تنزل على جسده المسجى على تلك الخشبة التي تشبهه تماما بسكونها، وها هو يتعطر ويتحضر لكفنه يلف بتلك القماشة البيضاء، القطن قد ملأ فمه، والشاش مربوط باجزاء جسده، لا يرى منه سوى وجهه، بعد 5 دقائق فقط ستقفل تلك الفتحة التي تعلن بها اخر مشهد للحياة معه اخر منظر نراه فيه، قلوب تعتصرها الألم ، ام تبكي، واخ يتألم، اب مهموم، واصدقاء مشتاقون ، مشاعر متداخلة ما بين لحظة التغسيل والى الصلاة عليه، الشيخ يقيم الصلاة وما بين تكبيرة وتسليم انتهى وقت السلام وحان وقت طمر الحياة، يفتح القبر ، موكب كبير ينقله الى مثواه الأخير، الرفاق يحملونه فوق الأكف دخل احدهم استقبله بيديه ودموعه تنساب بلا توقف يضع ذلك الاخ او الاب الصديق او الام في تلك الحفرة التي يزداد كرهنا لها لانها تحتفظ بداخلها بما لا نستطيع الاحتفاظ به لوقت كافٍ ، يخرج من القبر وبيد تكاد تتوقف عن الحراك يضع التراب عليه ينهال كما مطر السماء يغطي كل شيء يختفي اللون الابيض شيئا فشيء الا ان ينتهي كل شيء، شيخ يتلو الفاتحة ويدعوا للمتوفى بالرحمة وجنان الخلد، واخرون يبكون وهناك في اخر الصف شخص يتأمل هذا المشهد فيكتب بما يملك من كلمات هذا الموقف الذي يرى به نفسه في كل حرف ودقيقة وساعة ويوم يرى انه هناك حيث اللابشر حيث الخلود اما في نعيم مستقر او في نار صقر ، هناك فقط حيث ندرك ان كنا على صواب ام خطأ .
هناك فقط تعرف ما لم يعرفه يوما بشر، ولكن حينها لا ينفع المفر، فقط حساب بلا تغاضي بلا تهاون هناك فقط حيث انت وعملك ورب العباد .
قد يموت الانسان وتبقى ذكراه الطيبة، سيبكي عليه احبابه اياما سيتذكروه شهورا سيشعرون به سنينا وبعده تنسى ملامحه من الحياة، لن يتالم بعدها احد وسيذكرونه في بعض الاوقات، ستُذكر محاسنه ومساؤه سيدعون له بالرحمة بعضهم من قلوب محبة وبعضهم مجاملة.
وهكذا تنتهي حياة البعض، في كل يوم احدنا يفقد جد، جدة، اخ، اخت، صديق، صديقة، ام، اب، احد الاقارب، كل منا يفقد ذات يوم ما يملكه هذه سنة الحياة ونحن لا نملك شيئا سوى الدعاء لهم لا اكثر.
.
.
بقلم : أسماء العسود.