بات الخروج بمسيرات واعتصامات ، أمراً معتاداً فلا جديد على الشارع الأردني ، وبات من المستهجن جمعة بلا مسيرات واعتصامات واحتجاجات ، حيث أن ذلك وسيلة للتعبير عن رفض الشارع الأردني لسياسات الحكومة ، والتي أضحت تشكل "شوكة" في حلق الأردنيين.
هنا يجب الاعتراف ان بعض تلك المسيرات ليست في سبيل الإصلاح المنشود ، وليست في سبيل انتقاد الحكومة ، بل اصبحت عبارة عن "عناد" لاحزاب معينة ، وجهات معينة ،وفي بعض الاحيان للأسف تكون بعض المواقف لاهداف شخصية ومن اجل الحصول على بعض المكاسب الشخصية او وسيلة للضغط على الحكومة لتنفيذ بعض الاجندات التي ليس لها علاقة بمصلحة الوطن والمواطن فالبعض اشبعونا " مراجل " امام الكاميرات وهم بالخفاء يقيمون الولائم ويتقربون للسفراء الذين كانوا يشتموهم بالامس !!!!! والضحية الأمن والاستقرار في الأردن، واللذان يعتبران خطا أحمرا لا يجب غض البصر عن ذلك .
اعتقد ان بناء صورة بطولية امام الشعب اصبحت لعبة مكشوفة وان كان البعض ما يزال مخدوعاً بالهرم الكرتوني الذي دفع اموالاً لبناء بطولاته الوهمية ليكون ذلك البطل الذي يستحق ان يقود الجماهير لكن عبثاً وبهفوة بسيطة سقطت بعض الاقنعة لتعرية الصورة الحقيقية لبعض الشخوص .
انا مقتنع تماماً ان بعض الحراكيين يتمتعون بغيرة وحب مقدس للوطن ولديهم رسالة وهدف سامي للوقوف بوجه الحكومات التي ارهقت المواطن بسياساتها التي اوصلتنا الى قاع الحلم حتى قتلت الامل بداخلنا من أي بصيص حلم بأن نعود لسابق عزنا بحياة كريمة .... ومقتنع ايضاً بالمرض السياسي الاهم داخل الدولة الاردنية بوجود لوبي يعمل جاهداً لمصالح شخصية بمنأى عن اي انتماء للوطن وبتهميش الشرفاء .
الديمقراطية في الأردن حجر أساس للتعبير عن الرأي ولكن ضمن قواعد الدستور ، وعدم التجاوز للخطوط الحمراء ، والنظر إلى أن المواطن الذي يخرج إلى تلك المسيرات يعتبر جزء من المجتمع وعليه أن يحافظ على المجتمع ، والحفاظ على التلاحم الأردني ، فمن حقه أن ينتقد ومن حقه أن يعبر ، لكن هنالك معايير لا يجب الصرف عنها ، حتى لا تكون النتيجة عكسية .
وبما أن المثل القائل "إرضاء الناس غاية لا تدرك" فمن الطبيعي ان يكون للسياسات الحكومية طبقة معارضة من الدرجة الاولى ، الشارع أصبح الملاذ لهؤلاء الذين يخرجون بهدف المناداة بالإصلاح ، وتعديل السياسات ، إلا أن الملاحظ أن الهدف المرجو من ذلك أصبح في مهب الريح ، فلا يكاد يوجد مسيرة إلا وجد في المقابل ما يسيء للديمقراطية ، حيث الشعارات غير المرغوبة، والتعدي على الممتلكات العامة التي هي ملك للمواطن ، عدا عن المشاجرات التي تحدث خلال تلك المسيرات.
في هذا الصدد لا نريد إلغاء تلك المسيرات فهي "منفس" الشعب الوحيد، لكن علينا أن نجعل من الديمقراطية الهادفة وسيلة للإصلاح وليس للتدمير ، فمغلوطة المجتمع أن الديمقراطية يعني أن نكشف الخطأ بقوة وهمجية ، إلا أن الديمقراطية يجب أن تكون بتريث بعيد عن السياسة التي من شأنها إرجاء الإصلاح ، وإحداث خلل في المجتمع وخلق حالة من الغليان في الشارع الأردني.
فالمسيرات يجب أن تصبغ بالانتماء للوطن والإخلاص للمجتمع ، بطابع حكيم حيث يتصف المجتمع الأردني ، حتى لا ينطبق علينا المثل القائل "أضعف الأسود التي تزأر.