ما هو المقصود بتنمية المحافظات ، وهل هذا اعتراف ضمني من قبل الحكومة بتراجع أداء المحافظات والقرى البعيدة عن عمان ، وانخفاض مساهمتها في التنمية المحلية؟ ، ولماذا الآن عاد وانتشر استخدام هذا المصطلح ، رغم أن رئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي كان رئيساً لهذه الدائرة في رئاسة الوزراء قبل 14 سنة ؟ ما هو المطلوب انجازه من هذا المصطلح ، وهل المقصود بالتنمية فقط تنمية المرافق المحلية بشكل لحظي وبمجرد انتهاء الخطة ينتهي مفعول هذا المفهوم ؟ وعلى اعتبار أن المحافظات قد كانت تعيش في حالة تنمية قبل إقرار هذا البرنامج ؟
أسئلة كثيرة برسم الإجابة عليها من قبل الحكومة ، رغم أن هناك الكثير من الدراسات والمخططات التي تصل حاجتها التمويلية إلى نحو 6 مليار دينار ، ولكن هل فعلاً نحن بحاجة إلى مثل هذه الدراسات التي تنفصل عن الواقع الذي تعيشه المحافظات إلى حد كبير، وربما تبرز الحاجة إلى التنسيق مع الأجهزة البلدية والقروية في هذه المحافظات للتعرف على دراسات أسميها بخرائط الحاجات التنموية في كل محافظة حسب أولويات خطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية الرسمية.
البني التحتية في كثير من المحافظات بحاجة إلى إعادة صيانة ، وكما هو معروف فإن هذه البني هي الأساس في وجود أي مشاريع أو برامج تنموية ، وبدلاً من إعطاء القطاع الخاص مزايا وإعفاءات عند الاستثمار في المناطق التنموية أ ، يجب دعمه وتوجيهه بشكل أكبر نحو الاستثمار في المناطق التنموية ج أو ب وبشكل إلزامي .
الكثير من المحافظات بحاجة إلى التوسع الأفقي في العقارات وضرورة إيجاد مناطق جديدة بعيدة عن مراكز المحافظات تلافياً للازدحام ، وهنا تبدو الضرورة في تهيئة البنى التحتية اللازمة لتوجيه المجتمع اختيارياُ نحو مناطق جديدة للسكن ، وربما لإقامة مدن صناعية كاملة ومشروعات تنموية تحتاج إلىها هذه المدن أو القرى ، وهنا يجب أن لا نغفل دور الجامعات في تهيئة القوى البشرية الضرورية لتنسجم مخرجاتها مع احتياجات هذه المدن من العمالة المؤهلة والمدربة .
هناك دور مهم أيضاً للبلديات التي ينقصها التمويل للقيام بدور تنموي من الواقع الفعلي الذي تعيشه ، وعدم انتظار التنمية القادمة من عمان بشكل قد لا يراعي أولويات التنمية والحاجة الفعلية لبرامجها ومشروعاتها . وهنا مثلاً يجب توفير دراسات تبين المشروعات التي تحتاجها المدينة انطلاقاً من بيئتها الطبيعية ، فمثلاً الاهتمام وإعطاء الأولوية للمشروعات السياحية في المدن السياحية ، والزراعية في المدن ذات الطبيعة الزراعية ... الخ ، واعتبار أن المشروعات الصغيرة هي النموذج التنموي الأبرز في هذا المكان وتوفير احتياجاته التمويلية ضمن خطط تنمية المحافظات ، والنظر في كيفية توزيع الأراضي الأميرية ضمن هذه البرامج.
كل ذلك بحاجة إلى قيام فريق من وزارات التخطيط والمالية ورئاسة الوزراء والدائرة الاقتصادية بالديوان الملكي ، من إنشاء فروع لها في المحافظات لمعايشة واقع الحال فيها ، ومحاولة النظر إلى التنمية بشكل مستدام واستراتيجي ، والتفكير فعلياً بإيجاد حلول تنموية للتغلب على مشاكل الفقر والبطالة فيها ، وعدم الاكتفاء بالدراسات القادمة من مكاتب الاستشارات والتنفيعات .
د.إياد عبد الفتاح النسور